المفاهيم الأساسية للتدريب على رأس العمل

[rtl]المفاهيم الأساسية للتدريب على رأس العمل[/rtl]

يمثل التدريب على رأس العمل أحد المهام الرئيسية التي يجب على القيادات الإدارية والإشرافية القيام بها. فإذا أردنا تحليل وظائف المدير نجد أنها تتضمن التخطيط والتنظيم والرقابة وحل المشكلات واتخاذ القرارات والتوجيه وتنمية القوى العاملة. ويندرج التدريب على رأس العمل تحت مهام المدير الخاصة بالتوجيه وتنمية القوى العاملة. وفي هذا الجزء سنتناول ما يلي:

§ الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى قيام المدير بالتدريب على رأس العمل.

§ المبادئ والأسس العلمية التي تفسر عملية التدريب على رأس العمل.

§ الفرق بين أسلوب التدريب على رأس العمل وأساليب التدريب الأخرى.

§ المراحل والخطوات الواجب اتباعها للقيام بعملية التدريب على رأس العمل.

§ المصدر والأساليب المختلفة للتدريب على رأس العمل.

§ ضمانات نجاح التدريب على رأس العمل.

§ الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى قيام المدير بالتدريب على رأس العمل

هناك العديد من الأسباب التي تحتم على المدير القيام بهذه المهمة ومنها:

- التطورات التكنولوجية المتلاحقة التي تحدث في أساليب العمل وضرورة قيام المدير بنقلها إلى المرؤوسين.

- نقص مستوى الخبرة أو المهارة لدى بعض المرؤوسين مما يتطلب قيام المدير باستكمالها عن طريق التدريب على رأس العمل.

- تطبيق أنظمة أو إجراءات جديدة في العمل مما يتطلب شرحها وتدريب العاملين عليها.

- انضمام عاملين جدد إلى الإدارة أو القسم أو انتقالهم من إدارات أخرى مما يتطلب شرح أساليب العمل في الإدارة.

- اتباع بعض العاملين (حتى ذوي المهارة منهم) لأساليب في العمل تخالف القواعد والإجراءات والأنظمة الإدارية أو الفنية أو قواعد الأمن الصناعي الصحيحة بغية توفير الوقت أو الجهد.

- أعداد الكوادر/الصف الثاني للترقية.

لكل هذه الأسباب ولغيرها يجب على المدير القيام بالتدريب على رأس العمل.

§ المبادئ والأسس العلمية التي تفسر عملية التدريب على رأس العمل:

يهدف التدريب على رأس العمل إلى إحداث عملية تعلم لدى متلقي التدريب – بمعنى تغيير السلوك ومن هذا المنطلق فإن التدريب على رأس العمل يختلف من عملية التعليم التي تستهد تزويد الفرد بالمعلومات والحقائق والمفاهيم بغض النظر عن انعكاس ذلك على السلوك.

والتدريب على رأس العمل يقوم على أساس نظرية التعلم عن طريق التقليد (Modeling). وتقوم فكر هذه النظرية على أساس أن مصادر التعلم لدى الفرد هي:

-                     الملاحظة والتقليد.
-                     التجربة والخطأ.
-                     اكتساب المعارف والمعلومات.

وتمثل الملاحظة والتقليد المصدر الأساسي الذي يتحكم في عملية التعلم. فالملاحظة والتقليد تبدأ من السنة الأولى في عمر الإنسان وتستمر مدى الحياة. فالإنسان يلاحظ سلوك الآخرين ثم يحاول التقليد وأثناء حدوث هذه العملية يتغير السلوك. ولكن هناك مجموعة من العوامل التي تتحكم في الرغبة في التقليد ومدى تمسك الفرد بالسلوك الجديد المكتسب ومن هذه العوامل ما يلي:

- طبيعة العلاقة بين الفرد والشخص الذي يريد تقليده. من حيث درجة الثقة والاحترام والحب. فكلّما زادت قوة العلاقة فإن الإنسان يكون له دافع اكبر للتقليد. وهذا يفسر قوة تأثير قادة الرأس والمشاهير على الآخرين وذلك لأنهم يمثلون القدوة.

- النتائج المشاهدة للسلوك الذي نلاحظه. فكلّما أدّى السلوك الذي ينتهجه الآخرين إلى نتائج إيجابية من وجهة نظر الفرد كلما زاد ذلك من الرغبة في التقليد.

- النتائج الفعلية التي تتحقق للفرد نتيجة تقليد سلوك معيّن ومدى تطابق هذه النتائج مع توقعاته وأيضاً قيمة هذه النتائج من وجهة نظر الفرد وذلك مقارنة بالنتائج التي تتحقق نتيجة عدم التقليد. فكلّما تحقق للفرد نتائج إيجابية (من وجهة نظره) نتيجة للتقليد (اتباع سلوك معيّن) كلّما أدى ذلك إلى تكرار هذا السلوك وتحوله مع الوقت إلى سلوك دائم.

والنتيجة الهامة التي نستخلصها أن تغيير سلوك الفرد يمكن إحداثه إذا توافرت شروط وضوابط معيّنة. ويعتبر أسلوب التدريب على رأس العمل أحد التطبيقات الهامة التي استفادت من فكرة تغير سلوك الأفراد، وبذلك يمكن القول أن نجاح هذا النوع من التدريب مرتبط بمدى توافر شروط وضوابط تغيير السلوك.

§ الفرق بين أسلوب التدريب على رأس العمل وأساليب التدريب الأخرى

ينفرد أسلوب التدريب على رأس العمل بصفات وملامح خاصة تميزه عن باقي أساليب التدريب الأخرى (أسلوب المحاضرة – المناقشة – تمثيل الأدوار – الحالات العملية – الاستقصاءات – المحاكاة …الخ.) من حيث:

- مكان التدريب: يتم التدريب على رأس العمل في المواقع الفعلية للعمل بعكس الأساليب الأخرى التي تتم في قاعات المحاضرات ولذلك فإن المتدرب يعايش الظروف وبيئة العمل الفعلية.

- الهدف من التدريب:يهدف التدريب على رأس العمل إلى تغيير السلوك الحالي للمتدرب بطريقة مباشرة أما أساليب التدريب الأخرى فتهدف إلى تغيير السلوك بطريقة غير مباشرة عن طريق تزويد الفرد بالمعارف والمعلومات ويترك له تحدد درجة انعكاساتها على سلوك العمل.

- الأسلوب المتبع في التدريب: يعتمد التدريب على رأس العمل على الربط بين تزويد المتدرب بالمعلومات والتطبيق الفعلي لهذه المعلومات أي استكمال عملية التعلم والتي تبدأ بالمعلومات ثم تغيير السلوك. حيث يقوم المدرب بالشرح ثم توضيح الطريقة السليمة للأداء ثم يطلب من المتدرب التطبيق تحت إشراف المدرب وتستمر العملية حتى يتقن المتدرب الأسلوب الجديد – أما أساليب التدريب الأخرى فيوجد فصل كامل بين عملية تزويد المتدرب بالمعلومات وبين التطبيق. حيث يتم التركيز على مرحلة تزويد المتدرب بالمعلومات فقط وبعد العودة للعمل يقوم بعملية التطبيق وهنا يبرز أن الفرق الواضح بين اتباع التدريب على رأس العمل لفكرة إحداث التعلم بينما أساليب التدريب الأخرى فهي تكتفي بعملية التزويد بالمعلومات (التعليم)

- على من تقع مسئولية التدريب: يعتبر التدريب على رأس العمل أحد المهام الأساسية التي يجب أن يقوم بها التدريب أما أساليب التدريب الأخرى فنظراً لاعتمادها على خبرات ومهارات متخصصة فيقع مسئولية إدارتها وتنفيذها على إدارة التدريب ومدربين محترفين.

§ المراحل والخطوات الواجب اتباعها للقيام بالتدريب على رأس العمل:

قبل عرض المراحل والخطوات يجب أن تفرق بين نوعين من أنواع التدريب على رأس العمل:

- التدريب على رأس العمل لمرؤوسين لديهم خبرات سابقة خاطئة والمطلوب تغيرها بخبرات ومهارات سليمة.

- التدريب على رأس العمل لمرؤوسين ليس لديهم خبرات سابقة والمطلوب تزويدهم بخبرات ومهارات جديدة.

هذه التفرقة هامة ويجب على القائم بالتدريب أن يحدد الغرض الأساسي من التدريب فبالرغم من تشابه الخطوات في كلتي الحالتين إلاّ أن طريقة التنفيذ تختلف من حالة إلى أخرى. وسيتم التعرض لهذه التفرقة من خلال شرح المراحل والخطوات والتي يمكن أن تشتمل على:

1- مرحلة ملاحظة سلوك المرؤوسين: وفي هذه المرحلة يقوم المدير بملاحظة الطريقة التي يؤدّي بها المرؤوسين العمل ويعمل على التعرف على الأسباب الحقيقية التي تدفعهم لذلك (فهل هي نقص الخبرة والمهارة – تعمد ارتكاب الأخطاء – محاولة توفير الوقت والجهد على حساب جودة الإنتاج أو التكلفة…الخ.).

2- مرحلة تحليل أسباب السلوك: حيث يتم تحديد الأسباب الحقيقية للسلوك الحالي. وتظهر أهمية هذه المرحلة في حالة معرفة المرؤوس بالطريقة الصحيحة ولكنه يتعمد الإهمال بدافع الانتقام أو الشعور بالظلم أو سوء المعاملة. وهنا يجب على المدير علاج هذه الأسباب. ولكن إذا ثبت من التحليل نقص الخبرة والمهارة أو عدم معرفة أو تقدير نتائج الإهمال، ففي هذه الحالة يضع المدير برنامج التدريب على رأس العمل.

3- مرحلة الشرح النظري والعملي: يتم في هذه المرحلة شرح الطريقة السليمة ونتائج تطبيقها وسلبيات عدم تطبيقها بهدف إحداث عملية إقناع أوّلي للمرءوس. ثم يعقب ذلك قيام المدير ببيان عملي أمام المرؤوس حيث يقوم بنفسه بأداء العمل بالطريقة المقترحة ويفضل تكرار هذه العملية. وتخدم هذه المرحلة في بيان طريقة التنفيذ وفي نفس الوقت توضيح النتائج التي يتم التوصل إليها وهذه الخطوة تؤدي إلى زيادة إقناع المرؤوس خاصة أنه يقارن بين النتائج المحققة في الطريقة المقترحة والنتائج التي تتحقق في الطريقة التي يطبقها هو، وكلّما كان الفارق كبير كلّما زادت درجة الاقتناع.

4- مرحلة قيام المرؤوس بالتطبيق العملي تحت الإشراف المباشر: بعد إتمام البيان العملي بمعرفة المدير وتكراره والإجابة على جميع الاستفسارات والتأكد من فهم المرؤوس لكل التفاصيل يطلب المدير من المرؤوس القيام بنفسه بالتطبيق ولكن في هذه المرحلة يتم ذلك تحت الإشراف المباشر والدقيق للمدير حيث يتدخل في حالة توقعه لوقوع أي خطأ. ويتم تكرار هذه العملية ثم يقلل المدير من درجة الإشراف. ولتقليل الخسائر والأعطال يمكن أن تتم هذه المرحلة في غير أوقات العمل الرسمية.

5- مرحلة قيام المرؤوس بالتطبيق الكامل: وتمثل هذه المرحلة الأخيرة حيث يتولى المرؤوس القيام بالعمل دون إشراف مباشر دقيق ولكن تتم متابعته عن بعد من قبل المدير إلى أن يتأكد من تمكن العامل من الطريقة الجديدة. ويفضل التطبيق التدريبي لهذه المرحلة بحيث يتم تقليل درجة الإشراف كلّما تبيّن للمدير قدرة المرؤوس على القيام بالعمل بالطريقة الصحيحة وتمكنه من التعامل مع المشكلات التي تظهر بطريقة سليمة.

§ الطرق والأساليب المختلفة للتدريب على رأس العمل:

لقد بيّنّا الخطوات والمراحل المختلفة للتدريب على رأس العمل وهذا ما يطبق في الوظائف الفنية أو الإدارية البسيطة. ولكن في الوظائف الفنية أو الإدارية العليا تتبع أساليب أخرى للتدريب على رأس العمل منها:

1- تفويض السلطة المؤقت لبعض الصلاحيات ويعتبر ذلك وسيلة للتدريب. مثال ذلك تكليف أحد المرؤوسين للقيام بأعمال المشرف أو رئيس القسم أو المدير وهنا يتركز الهدف من التدريب هو اكساب المهارة في الإشراف والقيادة واتخاذ القرارات.

2- تفويض السلطة الدائم لبعض الصلاحيات: مثال ذلك تكليف أحد المروؤسين بتولي أعمال بصفة دائمة نيابة عن المشرف أو رئيس القسم أو المدير.

3- تدوير العمل: أي تنقل المرؤوس بين عدة وظائف على المستوى الوظيفي بحيث يستطيع التعرف على المهام الوظيفية لها وبالتالي يمكن له القيام بهذه المهام إذا طلب منه ذلك. مثال ذلك تنقل المرؤوسين في إدارة الحسابات بين عدة وظائف بحيث يمكن للمروؤس القيام بأعمال أي شخص غائب في القسم.

ويلاحظ أنه يتبع في هذه الأساليب بعض أو كل مراحل التدريب على رأس العمل.

§ ضمانات نجاح التدريب على رأس العمل

1- مراعاة المستوى الثقافي والتعليمي للمتدرب في الشرح والإجابة على التساؤلات.

2- تكرار أداء البيان العملي بمعرفة المدير وتذكر فارق الخبرة بين المدير والمرؤوسين.

3- استخدام الألفاظ والكلمات المشجعة للمتدربين.

4- التأكيد على المزايا والفوائد التي ستترتب على تطبيق السلوك المقترح. وتوضيح الارتباط بين تغيير السلوك والثواب والعقاب.

5- اكتساب ثقة واحترام المرؤوسين.

6- إظهار المساندة بكل صورها للمتدربين من قبل المدير ومن أهم صور المساندة قبول الأخطاء التي تحدث عن غير عمد في مراحل التطبيق الأولي.

7- تحديد واضح للفترة التي لن يسمح بعدها بمزاولة السلوك الخاطئ وإعلان ذلك مع تحديد العواقب.

8- استمرار المتابعة لمدة كافية بعد تغيير السلوك للتشجيع وإظهار التقدير لمزاولة السلوك الجديد ولحماية المرؤوس من العودة إلى السلوك القديم.